تأمُّل في موعظة الأحد الرابع من زمن الصيف

ونفخَ فيهِ نسمة الحياة!
الله، ينفخ أنفاسهُ في ” جسد ” الإنسان، فيحيا!
الله، يفيضُ روحهُ في الإنسان ليُصبح ” جسده ” هيكلاً وقدس أقداس!
الله، الذي هو الحب بذاته، ينطق كلمته في قلب الإنسان، لتُصبح الكلمة ” حجر الأساس ” الذي يُبنى عليهِ كيان الإنسان، وشَخصِهِ، و أعماقهِ!
الله، الذي هو الآب المترَحِّم، لا يرضى إلا بأن تتحقق الإنسانية في الإنسان فيغدو ممتلأً بالنعمةِ،
يحيا بالفرح،
يختبر السلام،
يعيشُ الإيمان، وهذا ما يفتقر اليهِ أنساننا اليوم!

بينَ الإيمان، والتقاليد، حتى يسوع نفسه واجه الإنتقاد والجدال!
هو الكلمة الحياة، واجهَ من مُناصرو تقاليد المجتمع الإنتقاد والعتاب، كيف، ولماذا؟
كيف ترضى، ولماذا يحيا تابعوكَ بما يُخالف تقاليدنا وعُرفنا و عادات مجتمعنا؟

شعبُنا آنذاك، واليوم كذلك، هو بين الإيمان والتقاليد في حالة من الإظطراب،
حالة من الصراع،
حالة من الركود الذي لا ( يبني) بل يهدم!
حالة من الألم، إذ لا وِفاق ولا راحة،
حالة من الضياع، فالمسيرة نحو الآب قد باتت شائِكة، فأصبحَ الإنسان ” ممتلأً ” إنما ليس من الله!
ليست ” نسمة الحياة” المُعطى من الله، ما يملأ داخل إنساننا اليوم، بل هي مغريات الحياة!
ليس “روح الله” ما يملأ كيان إنساننا اليوم، بل هي حرفية الشرائع الإجتماعية التي تمزِّق هذا الكيان وتُشتتهُ!
ليست ” الكلمة” الحب والرحمة والحياة ما يُنادي في قلب إنساننا اليوم، بل هي نداءاتٌ غريبة تأخذه بعيداً جداً وسطَ صراعاتٍ سطحية ومنافساتٍ فارغة!
إنساننا اليوم:
باتَ يجهل كيفَ يحيا إنسانيته الحقيقيّة!
هو قد فقد الفرح، لأنه إغتَرَبَ عن معطي الفرح،
فقد السلام والراحة، لِأنهُ ابتعد عن ينبوع السلام والراحة،
تاهت خطاهُ في مسيرةٌ الإيمان، لأنه صارَ يتبع خطواتٍ أخرى تمضي بهِ نحو ما يُقال وما يُسمَح وما هو مفروضٌ من البشر فقط!
إنساننا اليوم، هو كما يقول أشعيا: ” يُكرِّم الله بشفتيهِ فقط، وأما قلبه فبعيدٌ عَنْهُ كثيراً!

إنما الله، الكلمة الذي صارَ إنساناً، هو اليوم ينادي فينا من جديد ليؤكد لنا أننا سنحيا الراحة والسلام لا محالة، عندما نحيا دعوة الله فينا ” بإيمانٍ”!
أن نؤمن بما نحنُ عليه بالحقيقة مُذ جاءت بنا رحمة الله في هذا العالم لنكونَ صورةً له ومثال،
هيكلاً لروحه وسُكنى كلمته،
أبناءً له محبوبون للغاية،
إخوةً لبعضنا لا ندين بل نرحم،
لا نهدم، بل نبني،
نبني ذات الإنسان: قلبه وفكرهُ وضميرهُ، فيسعى نحو الكمال الذي يتحقق مع الله،
نمضي في مسيرتنا مع الآخر ناظرين الى ” العُلى” نحو الله، لنسمو، ويسمو معنا الآخر!
فلا نعود و ” نُكرِم” الله بشفاهنا فقط، بسطحية وفتور وعدم مصداقية،
إنما أن ” نحيا” بقلوبنا وكل كياننا مع الله، فيتجسد إيماننا في واقعنا فلا تصبح ” عبادتنا باطلة”، بل خبرة حقيقية ملئها الفرح والسلام والرحمة وإن كان مسيرنا معاكساً للتقاليد والأعراف!

تأمل في موعظة الاب هديل البابو
الأحد الرابع من زمن الصيف
١٣/٨/٢٠١٧

بقلم: وسن ستو

About wassan sitto

x

Check Also

تأمل في الخدمة في الكنيسة

الخدمة في الكنيسة ليست أبداً ” واجباً” يُفتَرَض القيام به! ليسَ واجباً مفروضاً علينا أخلاقياً ...