الزواج الصحيح غير المُكتمل
والإنعام البطرسي
يعالج القانون (862) من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية حالتين، الأولى: الزواج “الأسراري[1] الصحيح غير المكتمل” بين المعمدين؛ والثانية: الزواج “غير الأسراري الصحيح غير المكتمل” بين شخص معمد واخر غير معمد.
“الزواج الصحيح غير المكتمل” يُقصد به، ان الزوجين قاموا بعقد زواج صحيح، كنسي او مدني او حتى تحت اي شريعة دينية او عرف إجتماعي آخر، دون إكماله بالفعل الزوجي البشري “دون إقامة العلاقة الزوجية الجنسية الكاملة”[2]، والذي من طبيعة العلاقة الزوجية الجنسيّة بأن يهدف الى خير الزوجين وانجاب الأولاد، وذلك من خلال اتحادهم البشري الجسدي الكامل، فيكونا كجسدٍ واحد.
إن “عهد” الزواج الصحيح بين المعمدين، كما اشرت سابقا، بطبيعته، هو غير قابل للإنحلال، وبالعلاقة الزوجة “الجنسية” يصل الى كمال سِمتهِ الأسرارية. فإذا كان هذا الزواج الأسراري الصحيح غير مكتمل “من دون علاقة جنسيّة” فلا يحصل بطبيعته على سمة السر،ّ ان ان شروط إكمال السرّ لم تتوفر، وبالتالي فهو لا يتحلى بصفة “اللاإنحال”، عنده يمكن حلّه من قبل خليفة بطرس الرسول “البابا”.
إن خليفة بطرس الرسول “البابا”، يمكنه ايضا حلّ “الزواج الصحيح غير المكتمل” بين معمد مع غير معمد، بشرط توفر أسباب حقيقية او خطرة. إن الزواج الصحيح الطبيعي بين طرف معمد وآخر غير معمد، هو “عقد”، فلا يتسم الزواج بينهم “بالسرّ”، بهذا فهو لا يمتاز بجوهره بصفة “اللاإنحال”. إذاً، فكل زواج “صحيح غير مكتمل” يمكن حلّه بالإنعام البطرسي الممنوح من الحبر الأعظم “البابا”.
من اجل منح “حلّ” زواج صحيح غير مكتمل ولكلتا الحالتين اعلاه، اولا بين معمدين، وثانيا معمد مع غير معمد، يتطلب وجود سببٌ حقيقي وخطير. ويعود القرار في تحديد السبب والخطر في هذا الزواج للكرسي الرسولي. فأولا يجب التحقق في عدم حصول “إكتمال الزواج بالفعل الزوجي”، وثانيا في الأسباب الحقيقية او الخطرة المُقدمة من الطرفين او أحدهم. إن السبب او الخطر يجب ان يُشير الى “الخير الروحي والمادي” للزوجين، او على الاقل لواحدٍ منهم. إن الطلب المُقدم الى الحبر الروماني “البابا” يُفضّل ان يقدمه الطرفان “الزوج والزوجة”، لكن في حال تقدّيم الطلب قد تم من طرفٌ واحد فقط، مع رفض من الطرف الثاني بتقديم الطلب[3]، لا يمنع من منح الإنعام.
إن مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، وكما رأينا اعلاه عالجت موضوع الإنعام البولسي والبطرسي بشكلٍ صريح. إلا ان هناك حالتين لم يُشير اليهما صراحةُ، وهي، اولا: حالة حل الزواج الصحيح الطبيعي بين غير معمدين، رغبوا او لم يرغبوا إقتبال سر العماد. ثانيا: في حلّ الزواجات المختلطة[4] والحاصله مُسبقاً على “التفسيح” من الرئيس الكنسي، بين شخص معمد وغير معمد. إلا ان العقيدة الكاثوليكية، حتى في هذين الحالتين، تُجيز ان يحلّ الحبر الاعظم هذا الزواج بلإنعام لصالح الايمان “بالإنعام البطرسي”.
أخيراً، ما زال النقاش دائراً حول إمكانية منح رؤساء الكنائس الذاتية الحق (الكنائس الشرقيّة)، كالكنائس صاحبة التقليد البطريركي والرئاسة الاسقفية الكبرى والمطرابوليطية، حق منح الإنعام البطرسي الى المؤمنين الخاضعين لسلطان ولاية البطريرك او رئيس الأساقفة او المطرابوليط، او حتى لجميع الأساقفة، كون ان سلطة خليفة بطرس “نيابية”، فهل ممكن أن يمنح هذه السلطة أم لا؟ أمّ إنه يرغب الاحتفاظ بهذا الإمتياز لشخصه.
الاب ثائر الشيخ
[1] الزواج الأسراري: يُقصد به الزواج الذي تم ضمن ما يقرره الشرع الكنسي الكاثوليكي، والخالي من العيوب والموانع. في حين الزواج غير الأسراري: هو الزواج الذي تم بعقد مدني، او ضمن ما يقرره مراسيم الزواج في الديانات الاخرى غير المسيحية، او الأعراف الاجتماعية والتقاليد. لذا فهو زواج صحيح لكن لا يتسم بانه سرّ من اسرار الكنيسة.
[2] المقصود بالعلاقة الجنسية الكاملة: هي فضّ بكارة الزوجة والقذف من قبل الزواج.
[3] إن مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، لم تحدد القواعد الخاصة لإجراءات المحكمة الخاصة بإقامة الدعوى والمرافعة بها. وإنما يوصي القانون (1384) من المجموعة نفسها، بوجوب العمل بدقّة بالقواعد الخاصة الصادرة عن الكرسي الرسولي بمنح هذا الإنعام. في حين ان مجموعة قوانين الكنيسة اللاتينة حدد هذه القواعد بدقّة عبر القوانين 1697-1706.
[4] “مانع اختلاف الدين” أحد الموانع من مجموعة الموانع الوضعية الكنسيّة، والتي يمكن للرئيس الكنسي المحلي التفسيح بها. فتجيز الزواج بين مختلف المذاهب المسيحية (الكاثوليك و الارثذوكس و البروتستانت)، كما تجيز الزواج بين مؤمن كاثوليكي وشخص من دينٍ اخر. وفي كلتا الحالتين يجب التقيّد بالشروط التي يرسمها الشرع الكنسي الكاثوليكي.