عندما يُعطي الحب ذاتهُ، هناكَ تكون الحياة!
في البدءِ ومنذُ البدء، هو الحب يخلقُ إنسجاماً وتناغماً وجمال،
يخلقُ مُحيّا إنسان هو في جوهرهِ صورةً للحُبِ ومِثال،
ومن اللاشيء، يأتي بكل الأشياء فتكونُ الخلائق صورةً حسنة لحُبٍ يسمو للكمال،
ومن تُراب الأَرْضِ يأتي بجبلةِ طينٍ، يفيضُ فيها الرحمة، ” ينفخُ” فيها روحهُ، يدعوها لحياةٍ ملئها الحب لأجيالٍ وأجيال.
ذاك هو الحب الذي ” في البدء ومنذ البدءِ” يـعطي روحاً وينفخُ نسمات الحياة!
ذاك هو الحب الذي يأتي بالنور ليغلب الدُّجَى والظلام،
ذاك هو الحُب الذي يسمو بالإنسانية ويُقدِّس الإنسان!
وكما في اليوم الأول، هكذا في اليوم الجديد، “الأحد الجديد”!
يأتي الحُب ( يسوع) ليدخُل قلب الإنسان وإن “كانت الأبوابُ مُغلقة”!
يأتي ليحلَّ وسط الجماعة، في عُمق البشرية المتوجِعة ليُلقي عليها ” السلام”!
يأتي مُعلِناً أنَّ الموت قد غُلِب، ومن كان ميتاً في الأمس هو اليوم قائِمٌ، حيٌّ، قدوسٌ يُعطي الحياة!
يسكنُ بين مُحبّيهِ و ” ينفخُ فيهم الروح الْقُدُس” داعِياً أيّاهُم لبدء المسير في الحياة الجديدة!
كاشِفاً لهم مجدهُ (مجد القائِم من بين الأموات)،
مُرسِلاً أيّاهم للتبشير باليوم الجديد ( يوم القيامة والإنتصار على الموت)، و الشهادة بما عاينوا و اختبروا وعاشوا!
هو ( يسوع):
حُبٌ مُتَجسِد في عمق البشرية ليُجدِدَ فيها ” الخلق” الأول!
ويُكمِّل ” الخليقة” بعطاء ذاتهِ على الصليب، لتغدو مقدَّسة بأحسن صورة وأبهى حُلّة،
و يمضي بها نحو القيامة لحياةٍ جديدة بالنعمةِ والرحمة والفرح،
و يستمر في “نفخ” الروح، ونسمة الحياة، في قلب الإنسان ليحيا نقيَّاً، قوياً، فرِحاً،لا يأسَ فيهِ ولا شك يعتريهِ،
بل ان يكونَ شعلةً رجاءٍ يستنيرُ بهِ العالم فلا يستسلم للضُعفِ واليأس،
و يغدو منبراً لإعلان البُشرى بإيمانٍ لا شائِبةَ فيه، بأنَّ الخلاص هو واقعُ الإنسان الجديد الذي يحيا بالحبِ، ويتواصل مع الآخر بالحُبِّ، و يتضامن من الإنسانية جمعاء بالحُبِّ أيضاً!
الأحدُ الجديد، هو جديدٌ بالقيامة التي لم تكُن قبلاً، وما كانت لتكون دون المسيح ( يسوع)!
الأحد الجديد، هو جديدٌ بحضورٍ يتعدَّى ” فتح الأبواب” لِأنهُ حُبٌ يحلُّ فيما بيننا وإن كانت أبوابنا مغلقةٌ علينا!
الأحد الجديد: هو جديدٌ ايضاً بسلامٍ يُلقى لا على مسمع السامعين، بل في قلبِ أُناسٍ للحُبِّ متلهفين، فيمأهم عجباً واندهاشاً وفرحاً ليس له على الأرض مثيل!
الأحد الجديد: هو فعلٌ لخلقٍ جديد “بنفخ الروح” الذي يُعطي للإنسانية دفقاً سماوياً مُقدّساً من الحياة!
الأحد الجديد: هو جديدٌ لما يحملهُ لنا من رسالة ودعوة خاصّة بأن لا نكون جماعة واحدة متآخية وحسب، بل أن نكون كنيسة حقيقة في جوهرها، رسولة ومبشِرة،
أمٌ ومثال،
نورٌ وملح،
حياةٌ حقيقية يتجسدُ فيها حب يسوع القائم، وتتجلى فيها نعمة القيامة، و ينكشف من خلالها وجه الله، وجه الحب والرحمة!
تلك دعوتنا في الأحد الجديد!
من وحي موعظة الأحد الثاني من القيامة: الاب هديل الويس
بقلم: وسن ستو